السلام عليكم...
"آل إبراهيم"... "لوط" ابن أخي إبراهيم و"إسماعيل" ابنه البكري و"إسحاق" الابن الأصغر هيا بنا نتابع كتاب "من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن" ونقرأ كيف فسر القرآن الكريم أسماء هؤلاء الأنبياء.
مع تحياتي
من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن
العلم الأعجمي في القرآن مفسراً القرآن
المؤلف/رؤوف أبو سعدة
******
آل إبراهيم
******
(1)
لوط
لوط في التوراة ابن أخ لإبراهيم هو هاران، وإبراهيم (وهاران) ابنا آزر(أو تارح كما تقول التوراة). و"لوط" في القرآن هي نفسها "لوط" في التوراة، لا فرق بينهما في الكتابة، ولا فرق أيضا بينهما في النطق إلا أن لفظة "لوط" العبرية - الآرامية ينطق فيها المد لا بالواو، وإنما بالضم، مثلها مثل "يوم" العربية العامية، أو bought الإنجليزية.
أما "لوط" العبرية فهي من الحجاب والخفاء والستر، تشتقها من الجذر العبري "لآط / لوط"، وقرينه العربي "لط"، وأيضا "لاط/ يلوط/ لوطاً" ، بمعني ستره وأخفاه، "لوط" العبرية إذن مصدر بمعني الحجب والستر، وأيضا اسم بمعني حجاب.
إن نطقت "لوط" العبرية مداً بالواو، مثل لوط في القرآن، فهي على زنة اسم المفعول في العبرية، والمعنى محجوب أو مستور، وإن نطقتها مداً بالضم (مثل "يوم" العربية العامية) كما في التوراة، فهي على زنة المصدر في العبرية، والمعني ستر وحجاب. من ذلك في العبرية المعاصرة قولهم عن الشئ غيبه الضباب: "لوط بعرافل" أي "ليط بضباب"، و"عرافل" عبرياً يعني الضباب.
********
في العبرية أيضا "لوط" بنفس نطق اسم نبي الله لوط في التوراة، ومعناها في العبرية "لاذن"، ذلك الصمغ "الراتينجي" الذي يعلك أو يستعمل عطراً أو دواء، صاغته العبرية على الراجح من معنى اللزوق والعلوق الذي بقي في "لط" و "لآط" العربيين ، وضاع من الجذر العبري"لاط/لوط".
وفي السريانية كذلك "لوط" أخري معناها "فستق" وبعيد أن يكون اسم "لوط" منه، لأن اللغة السريانية لم تولد إلا بعد لوط بقرون وقرون. على أن علماء العبرية لا يفسرون اسم "لوط" باللاذن أو الفستق، وإنما يفسرونه بالستر والحجاب، فهو حجاب أو محجوب، وبهذا المعني نفسه فسره القرآن.
وغير بعيد أن لوطاً عليه السلام لم يكن هذا اسمه، وإنما شهر به عشية البطشة الكبري بالقرية التي كانت تعمل الخبائث، رمزاً لآية طمس أعينهم عنه، وخروجه من بينهم بقطع من الليل، في "ساتر" الله عز وجل.
*********
أما مفسرو القرآن (راجع تفسير القرطبي للآية 80 من سورة الأعراف) فقد قال الكثرة بعجمة هذا الاسم، ولم يتصدوا لتفسيره.ولكن منهم (الفراء) الذي حاول تفسيره من العربية، إلا أنه أخطأ معنى الستر والخفاء الذي في "لاط" العربي، وتعلق بمعني اللصوق والعلوق (وهو الأشهر في "لط", "لآط" العربيين) فقال إنه من قولك "هذا أليط بقلبي" يعني ألصق بقلبي، أي أحب إلي. وهو لم يفطن إلي معنى الخفاء والاستتار في هذا الجذر العربي لأنه بادئ بدء لم يقسه على قرينه العبري، فأخطأ ولم يصب.
لم يكن بين يدي مفسري القرآن وقتئذ ذلك المنهج الذي هدانا الله إليه بفضل منه ونعمه: تفسير العلم الأعجمي في القرآن بالقرآن. فالحمد لله الذي هدانا لهذا. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
*******
فسر القرآن اسم "لوط" عليه السلام بأدوات ثلاث: فسره بالتعريب، وفسره بالمقابلة، وفسره أيضا بالسياق العام، أي بالتصوير:
فسره بالتعريب، لأن "لوط" نفسها تفهم عربيا على أنها اسم فعل بمعني مفعول، من لاط / يلوط / لوطاً، كما تقول مثلا "جعل" بضم فسكون وتعني "مجعول"، من جعل/ يجعل / جعلاً. فهو المستور المحجوب، أي "الذي ليط". وهو تعريب وليس ترجمة ، لأن "لوط" بضم اللام لم تسمع من العرب. ولكنه تعريب مفسر، إن تمعنت.
وفسره بالمقابلة، أي بالضد من معناه كما مر بك، في مثل قوله عز وجل على لسان لوط: {قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ} (68) سورة الحجر، وفضحة يعني هتك ستره. وأيضا في قوله عز وجل على لسان لوط يزجر قومه: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} (54) سورة النمل، أي أتأتون الفاحشة علانية لا تستترون؛ وكان الكفرة الفجرة يتلاوطون علنا، لا يستتر بعضهم من بعض، كما أخبر الله عز وجل على لسان لوط في خطاب قومه: { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ} (29) سورة العنكبوت.
وفسره أيضا بالسياق العام أو الجو العام الذي توحي به إليك الآيات التي تصور لك لوطاً وهو " يراود" عن ضيفه ولا يملك ما يدافع به إلا أن يفتدي ببناته فلا يقبل منه، ويهمون به ليبطشوا به إلا أن يخلي بينهم وبين ضيفه هؤلاء ليفعلوا بهم ما أرادوا، ويجزع لوط أشد الجزع وقد غلب على ضيفه فيتوجع {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (80) سورة هود ، ولكن ضيفه يهونون عليه {قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ } (81) سورة هود، ولكن الملائكة المكرمين لا يدافعون عن لوط، ولا يبطشون بالكفرة الفجرة ، فلم تحن بعد ساعتهم، بل يضربون بينه وبينهم بحجاب، فتغشي الذين ظلموا الظلمة { فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } (37) سورة القمر فيحتجب منهم لوط كما تحتجب الملائكة ، ويضرب الليل بأستاره على القرية المجرمة ، ويمضي لوط في ساتر الليل متبعاً ما أمر به { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ} (81) سورة هود، لينجو بسحر { إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ} (35- 34) سورة القمر، ولا ينجلي الليل عن القرية إلا وقد صبحهم عذاب مستقر {وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} (38) سورة القمر، وهلك الظلمة ردما وعميانا {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ}(72 - 74) سورة الحجر.
هذا الحجاب المضروب على لوط في إفلاته من بطش الذين كفروا، وفي فراره من القرية الظالم أهلها، حجاب باطنه من قبله الرحمة، وظاهره من ورائه العذاب ، ولذلك قيل له {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } (65) سورة الحجر، أي النجاة أمامك، وكل ما وراءك هالك ، فاجعلهم وراءك ، ولا تلتفت.
هذا الجو العام، الذي توحيه الآيات ، سمة يتفرد بها القصص القرآني من دون كل قصص الحدث المروي في القرآن لا يسرد عليك كما يسرد الخير ولكنه - على خلاف ما تجد في التوراة والإنجيل - يبعث لك من غياهب التاريخ حيا نابضا مشخصا، وإذا أنت في قلب الحدث، تسمع وتري، وقد طويت المسافات واستدار الزمن .
*******
(2)
إسماعيل
"إسماعيل" في القرآن هي تعريب "يشمعيل" العبرية في التوراة.
وهي في العبرية على المزجية من (يشمع + إيل)، ومعناها الحرفي "يسمع الله".
وقد مر بك أن العبرية تستخدم المضارع وتريد اسم الفاعل منه، فيكون معنى هذا الاسم "الله سميع"، أو "سميع هو الله".
وسفر التكوين لا يحدثك بشئ عن مناسبة هذه التسمية، لأن غاية همه بنو إبراهيم عبر إسحاق، لا يهتم لشي من أمر إسماعيل، إلا شذرات تجئ عبر السياق. ولكنك تجد مناسبة هذه التسمية في القرآن.
فقد مر بك أن إبراهيم عليه السلام، حين انقطع ما بينه وبين أبيه وقومه، خرج مهاجرا إلي ربه يدعوه: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } (100) سورة الصافات، فاستجاب له عز وجل بالبشرى {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (101) سورة الصافات، أي بإسماعيل، لا يصح أن تقول بإسحاق، لأن إبراهيم دعا بها لحظة خرج مهاجرا إلي ربه لا يصحبه إلا زوجه سارة وابن أخيه لوط، دعا بها وهو بعد "فتي يقال له إبراهيم" (راجع الآية 60 من سورة الأنبياء)، عقيم الزوج لم يولد له بعد إسماعيل، بل لم يلتق بعد بهاجر أمه، التي أهداها إليه ملك مصر بعد سنوات من الطواف والترحال، كما تقرأ في سفر التكوين.
بشر الله عز وجل إبراهيم بهذا الغلام الحليم ولم يستجب له من فوره، وإنما أرجأ الاستجابة إلي أجل مسمى عنده، يبتلي صبر إبراهيم. كان مقدوراً لإسماعيل بكر إبراهيم ألا يجئ من زوجه سارة الآرامية ابنة عمه، وإنما من هاجر المصرية، لينبت في واد أصم غير ذي زرع عند بيت الله المحرم، كي تقام فيه الصلاة: { رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ} (37) سورة إبراهيم، ولو كانت سارة أم اسماعيل لما ارتضت فراقه، إلا أن تصحب ابنها في مهاجره فتفارق إبراهيم. ولكنه كان ابن ضرتها ، فشجعت ولم تمانع، بل كانت هي التي أوحت وألحت، في رواية سفر التكوين.
صدق الله إبراهيم وعده ببكره إسماعيل وقد ناهز إبراهيم ستاً وثمانين، لم يعد بعد "فتي يقال له إبراهيم"، وإنما ولد له إسماعيل وقد بلغ به الكبر، كما تجد في قوله الله عز وجل على لسان إبراهيم: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} (39) سورة إبراهيم.
ويتذكر إبراهيم يوم ولد له إسماعيل دعوة منه سبقت، يوم خرج مهاجرا إلي ربه وحيدا إلا من زوجه وابن أخيه، يسأل ربه النسل الصالح الذي يعنيه على أمر الله، ويذكر ايضا بشرى الله إياه يومئذ "بغلام حليم"، أرجأها الله إلي أجل مسمي عنده وقد نيف إبراهيم على الثمانين، فيعلم فوق علم أن الله عز وجل - مهما طال الأجل - لا يخلف وعده رسله، وكأنه قال بالعبرية، يمجد بها الله: يشمع إيل؛ أي سميع هو الله؛ فسمي بها إسماعيل (يشمع + إيل).
***********
أما مفسرو القرآن (راجع تفسير القرطبي للآية 125 من سورة البقرة) وقد أجمعوا على عجمة "إسماعيل"، فلم يفتهم معنى "السمع" ومعني "الله" في (اسمع + إيل) ولكنهم فهموها بصيغة الطلب على الدعاء، فقالوا إن معنى هذا الاسم هو "اسمع يا ألله" أو "اللهم فاسمع".
ولا يصح هذا من وجهين: الأول لمخالفته معنى "يشمع إيل" العبرية، التي تفيد حدوث السمع لا طلبه. والثاني لأن الذي يستمع الله دعاءه فيستجيب، لا يقول: اللهم فاسمع، وإنما يقول: قد سمعت يا ألله.
وهذه هي آفة كل تفسير لاسم علم بغير لغة صاحبه.
أما إن أردت ترجمة "إسماعيل" إلي العربية ترجمة تصح بها العلمية، فالأقرب إلي الصواب أن تقول "سمع الله"، على التقرير، لا على الدعاء، كما يتسمى الناس الآن بــ "جاد الله"، "جاد الحق"، وأشباههما.
**********
ولا ينقضي القول في "إسماعيل"- قبل حسم ذلك الإشكال الذي افتعله جمهرة، من المفسرين (راجع تفسير القرطبي للآيات 101 وما بعدها من سورة الصافات) قول الشخص الذي كان به "البلاء المبين" في القرآن: إسماعيل أم إسحاق؟
تهيب هؤلاء المفسرون تكذيب التوراة في قولها إن "الذبيح" كان إسحاق بالاسم ، لا إسماعيل، فلم يروا بأساً من متابعة التوراة على هذا القول، لاسيما والقرآن لا ينص على الذبيح بالاسم، ووازنوا بين تكذيب التوراة بغير صريح القرآن وبين رد أحاديث من مثل قوله صلي الله عليه وسلم: "أنا ابن الذبيحين" (إشارة إلي أبيه عبد الله بن عبد المطلب وجده الأكبر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام)، فردوا تلك الأحاديث.
والراجح عندي أن هؤلاء المفسرين "سمعوا" من أحبار يهود أن التوراة تنص على إسحاق ولا تنص على إسماعيل، ولكنهم لم "يقرأوا" تفاصيل ذلك في سفر التكونين نفسه، على ما مر بك في سياق تفسيرنا لاسم إبراهيم عليه السلام، وإلا لخلصوا كما خلصنا نحن من تحليل كلام الكاتب نفسه في الإصحاحات الخامس عشر والسابع عشر والثاني والعشرين إلي أن البلاء المبين ما كان ليصح إلا بإسماعيل، وحيد إبراهيم قبل عام من مولد إسحاق، ولجزموا - كما جزمنا نحن - بأن "إسحاق" هاهنا مقحمة على هذا السفر، مدسوسة من الكاتب أو الناسخ "ذي المصلحة"، وأن تكذيب التوراة في "إسحاق" ليس تكذيباً لله عز وجل فيما أنزل من التوراة، وإنما هو تكذيب لهذا الكاتب أو الناسخ.
والذي ينبغي التنبيه إليه أن التوراة - شأنها شأن الأناجيل التي بين يديك - ليست كلها باعتراف الكتبة أنفسهم كلاماً من الله عز وجل على رسله وأنبيائه، يتحصن بحجية الشئ الموحى به، وإما يتخللها الكثير- بل الأكثر- من كلام الكاتب و الناسخ، يصح حين يصح، كما تصح أحاديث الرواة، لا أكثر ولا أقل ، لا يرد به حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يتأول به قرآن.
والذي ينبغي التنبيه إليه أيضا أن المسلم - المأمور بتصديق التوراة والإنجيل بمقتضي قوله عز وجل في وصف المتقين {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (4) سورة البقرة - إنما هو مأمور بتصديق ما أنزل الله فيهما فحسب، الذي صدقه القرآن، لا ما زاد فيهما الكاتب والناسخ.
ويترتب على هذا مباشرة أن مقولات سفر التكوين الذي بين يديك لا ترد فحسب بصريح القرآن، وإنما ترد أيضا بالنقد التحليلي المباشر، على ما مر بك من القول في صحة "حساباته" أو من وصفه "جنة آدم" التي بعدن "شرقاً" أو تفسيره معنى "بابل" بالبلبلة، الخ... لو التزمت تصديق هذا الكاتب في كل مقولاته، فأوجبت على نفسك تصديقه في أن "البلاء المبين" كان بإسحاق لا بإسماعيل، لوجب عليك أيضا تصديقه في شناعات لا تصح في "نص مقدس"، من مثل زني ابنتي لوط بأبيهما على ما مر بك، أو من مثل انخلاع حق فخذ يعقوب (تكوين 32/26) وهو "يصارع" الله عز وجل، في محاولة بائسة لتفسير معنى شهرة "إسرائيل"،وتعليل تحريم بني إسرائيل أكل "عرق النسا" الذي على حق الفخذ.
أما القرآن لم ينص صراحة على أن "البلاء المبين" كان بإسماعيل، لا بإسحاق، فهذه زلة لا يصح أن يقع فيها مفسر للقرآن جدير بهذا الاسم. يكفيك أن تتلو الآيات من 99 إلي 112 من سورة الصافات، كي تعلم أن إبراهيم عليه السلام بشر غداة خروجه مهاجرا إلي ربه بغلام حليم، وأن هذا الغلام نفسه بلغ معه السعي، فكان به "البلاء المبين"، وأن الله عز وجل عقب على اجتياز إبراهيم هذا الاختبار الفذ بأن بشر إبراهيم بغلام آخر يولد له، هو إسحاق: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} (112) سورة الصافات، فكان إسحاق بعض "جزاء المحسنين" الذي جازي به الله بر إبراهيم، ولم يكن هو بداهة الذي كان به البلاء المبين، وإنما كان البلاء المبين بإسماعيل.
(ربما أحرجت هذه الآية المفسرين الذين قالوا إن الذبيح هو إسحاق، فتمحك بعضهم بتأويلها على أنها بشري بالنبوة لإسحاق الذبيح، ولا يصح هذا من لغوي حاذق، لأن البشري في الآية تتعدي بالياء، فهي واقعة بإسحاق لا بالنبوة. وإنما النبوة والصلاح في الآية وصفان للابن المبشر به).
ونحن نضيف إلي هذا دليلا آخر من القرآن، وردت "غلام حليم" مرة واحدة في القرآن ( الصافات: 101) وصف بها الله عز وجل الغلام الذي كان به البلاء المبين، لم يخص بها غيره من أبناء إبراهيم، ووردت "غلام عليم" في القرآن مرتين، يخص بها إسحاق بالنص: {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} (53) سورة الحجر، {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} (28) سورة الذاريات، والمعني في الآيتين هو إسحاق بلا خلاف، أفلا تدلك هذه المغايرة بين "عليم" و"حليم" على أن البلاء المبين لم يكن بالغلام "العليم" (إسحاق)، وإنما كان بالآخر، الغلام "الحليم" الذي في سورة الصافات، فهو إذن "إسماعيل"؟
كذلك وردت "صادق الوعد" مرة واحدة في القرآن، خص بها الله عز وجل إسماعيل وحده دون غيره من النبين والمرسلين: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا} (54) سورة مريم. إلا تجد في هذا إشارة بليغة إلي صدق إسماعيل وعده أبه بالصبر على الذبح إذعاناً لأمر الله حين شاوره إبراهيم في رؤياه {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (102) سورة الصافات، حتي "تله للجبين"، فأي صبر كان؛
كان الذبيح إسماعيل، لا محل للقول بخلافه، ولا مجال للتردد فيه متابعة لقول أهل الكتاب.
وإذا كان الذبيح هو إسماعيل - إحقاقا للحق لا غير- فليس معنى هذا أن إسحاق أدني منزلة في سلم الأنبياء من إسماعيل، صلوات الله وسلامه على جميع رسله وأنبيائه، بل الكل في كرامة الأنبياء عند الله سواء، وهو أعلم ببلاء أنبيائه حسبك قوله عز وجل في الأنبياء من ذرية إبراهيم، وفيهم إسماعيل وإسحاق {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (90) سورة الأنعام
********
أما التفسير القرآني لاسم "إسماعيل"، وهو "يشمعيل" عبرياً، ومعناه كما علمت "سمع الله" أو "سميع هو الله"، فأنت تجد هذا التفسير في قوله عز وجل على لسان إبراهيم: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} (39) سورة إبراهيم.
وتجده في قوله عز وجل على لسان إبراهيم أيضا: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (127) سورة البقرة.
*******
(3)
إسحاق
إسحاق (وترسم اسحق في المصحف) هو الابن الثاني لنبي الله إبراهيم عليهما السلام، رزق به من زوجه سارة وقد ناهزت التسعين، عجوزاً عقيماً قد أيأستها السنون، وإبراهيم يومئذ قد بلغ المائة، فكان إنجابهما إسحاق في تلك السن آية من آيات رحمة الله بإبراهيم وأهل بيت إبراهيم: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} (72) سورة هود.
وإسحاق عليه السلام سمته الملائكة، لم تسمه أمه ولم يسمه أبوه كما يقول سفر التكوين. بل سمت الملائكة أيضا "يعقوب" بن إسحاق، ولم يولد بعد إسحاق. تجد هذا في قوله عزوجل: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (71) سورة هود
******
وقد قالت الكثرة من مفسري القرآن (راجع تفسير القرطبي للآية 133 وما بعدها من سورة البقرة) بعجمة "إسحاق" ولم يتصدوا لتفسيره. إلا من شذ فحسبه من العربية، يشتقه من الجذر العربي "سحق" بمعنى بعد أشد البعد. وليس هذا بشئ لأنه يفسر الاسم بغير لغة صاحبه، فلا تلتفت إليه.
*******
"إسحاق" في القرآن هي تعريب "يصحاق" في التوراة. وهي صغية المضارعة في المفرد الغائب من الجذر العبري "صحق"، وقرينه في العربية الجذر العربي "ضحك". و"يصحاق" العبري إذن يعني "يضحك"، لا يراد منه الفعل، وإنما يراد منه الفاعل، ومن ثم معنى "اسحاق"، وهو "يصحاق" عبريا، الضاحك أو الضحوك، وقد سمى العرب بمعناه على المبالغة فقالوا "الضحاك".
والتسمية بالفعل المضارع يراد منه اسم الفاعل، شديدة الشيوع في العبرية كما مر بك في موضعه: رأيت هذا في "يشمعيل" (إسماعيل)، وتراه الان في "يصحاق"، أي إسحاق. وستجده كثيرا فيما يلي من أعلام التوراة.
علي أن لهذا نظائر بقيت في العربية كما مر بك، تجدها في أمثال "يزيد" وغيرها من أعلام الأشخاص والمواضع. والأصل في هذا كما مر بك أن الفعل المضارع يفيد الحال كما يفيد الاستقبال، أي "يضحك" وسيظل، فهو "ضاحك" و "ضحوك".
*******
أما التفسير القرآني لهذا الاسم العلم، فأنت تجده في قوله عزوجل: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ} (71) سورة هود، أي ضحكت سارة وهي قائمة تخدم ضيف إبراهيم من الملائكة عجبا وحياء وهي تسمع من الملائكة بشري لإبراهيم بمولود يولد منها، وهي في تلك السن عجوز عقيم. وكأن ضحكها كان مناسبة يصاغ منها اسم المولود المبشر فقيل لها أضحكت؟ بشراك إذن "بالذي يضحك"، وهي "يصحاق"، اسم نبي الله إسحاق عليه السلام.
********
وربما قلت فلماذا جاءت "إسحاق" في القرآن بالسين، ولم تجئ على أصلها بالصاد "إصحاق"؟
قال هذا بالفعل بعض المستشرقين، مماحكة، كدأبهم في معارضة القرآن.
ولكنك تندهش إذ تعلم أن "يصحاق" هذه تجئ في عبرية التوراة بالسين كما تجئ بالصاد، والصاد أغلب، وأن "سحق" و"صحق" في المعجم العبري صنوان. وفي اللغة العربية تتعاقب السين والصاد مثل "السراط" و"الصراط" وقد قرئ بهما.
ولعلك تدرك معي أن تتابع الصاد والحاء والقاف في "يصحاق" قعقعة تنبو عنها موسيقي القرآن، لذا فقد عرب القرآن "إسحاق" عن "يسحاق" ولم يعربها عن "يصحاق" عالماً أنه لم يبعد، لوجود كلا الرسمين في عبرية التوراة.
لا يشاد القرآن أحد إلا غلبه القرآن، وسبحان العليم الخبير.
... يتبع
http://e3gaz1.blogspot.com/
"آل إبراهيم"... "لوط" ابن أخي إبراهيم و"إسماعيل" ابنه البكري و"إسحاق" الابن الأصغر هيا بنا نتابع كتاب "من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن" ونقرأ كيف فسر القرآن الكريم أسماء هؤلاء الأنبياء.
مع تحياتي
من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن
العلم الأعجمي في القرآن مفسراً القرآن
المؤلف/رؤوف أبو سعدة
******
آل إبراهيم
******
(1)
لوط
لوط في التوراة ابن أخ لإبراهيم هو هاران، وإبراهيم (وهاران) ابنا آزر(أو تارح كما تقول التوراة). و"لوط" في القرآن هي نفسها "لوط" في التوراة، لا فرق بينهما في الكتابة، ولا فرق أيضا بينهما في النطق إلا أن لفظة "لوط" العبرية - الآرامية ينطق فيها المد لا بالواو، وإنما بالضم، مثلها مثل "يوم" العربية العامية، أو bought الإنجليزية.
أما "لوط" العبرية فهي من الحجاب والخفاء والستر، تشتقها من الجذر العبري "لآط / لوط"، وقرينه العربي "لط"، وأيضا "لاط/ يلوط/ لوطاً" ، بمعني ستره وأخفاه، "لوط" العبرية إذن مصدر بمعني الحجب والستر، وأيضا اسم بمعني حجاب.
إن نطقت "لوط" العبرية مداً بالواو، مثل لوط في القرآن، فهي على زنة اسم المفعول في العبرية، والمعنى محجوب أو مستور، وإن نطقتها مداً بالضم (مثل "يوم" العربية العامية) كما في التوراة، فهي على زنة المصدر في العبرية، والمعني ستر وحجاب. من ذلك في العبرية المعاصرة قولهم عن الشئ غيبه الضباب: "لوط بعرافل" أي "ليط بضباب"، و"عرافل" عبرياً يعني الضباب.
********
في العبرية أيضا "لوط" بنفس نطق اسم نبي الله لوط في التوراة، ومعناها في العبرية "لاذن"، ذلك الصمغ "الراتينجي" الذي يعلك أو يستعمل عطراً أو دواء، صاغته العبرية على الراجح من معنى اللزوق والعلوق الذي بقي في "لط" و "لآط" العربيين ، وضاع من الجذر العبري"لاط/لوط".
وفي السريانية كذلك "لوط" أخري معناها "فستق" وبعيد أن يكون اسم "لوط" منه، لأن اللغة السريانية لم تولد إلا بعد لوط بقرون وقرون. على أن علماء العبرية لا يفسرون اسم "لوط" باللاذن أو الفستق، وإنما يفسرونه بالستر والحجاب، فهو حجاب أو محجوب، وبهذا المعني نفسه فسره القرآن.
وغير بعيد أن لوطاً عليه السلام لم يكن هذا اسمه، وإنما شهر به عشية البطشة الكبري بالقرية التي كانت تعمل الخبائث، رمزاً لآية طمس أعينهم عنه، وخروجه من بينهم بقطع من الليل، في "ساتر" الله عز وجل.
*********
أما مفسرو القرآن (راجع تفسير القرطبي للآية 80 من سورة الأعراف) فقد قال الكثرة بعجمة هذا الاسم، ولم يتصدوا لتفسيره.ولكن منهم (الفراء) الذي حاول تفسيره من العربية، إلا أنه أخطأ معنى الستر والخفاء الذي في "لاط" العربي، وتعلق بمعني اللصوق والعلوق (وهو الأشهر في "لط", "لآط" العربيين) فقال إنه من قولك "هذا أليط بقلبي" يعني ألصق بقلبي، أي أحب إلي. وهو لم يفطن إلي معنى الخفاء والاستتار في هذا الجذر العربي لأنه بادئ بدء لم يقسه على قرينه العبري، فأخطأ ولم يصب.
لم يكن بين يدي مفسري القرآن وقتئذ ذلك المنهج الذي هدانا الله إليه بفضل منه ونعمه: تفسير العلم الأعجمي في القرآن بالقرآن. فالحمد لله الذي هدانا لهذا. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
*******
فسر القرآن اسم "لوط" عليه السلام بأدوات ثلاث: فسره بالتعريب، وفسره بالمقابلة، وفسره أيضا بالسياق العام، أي بالتصوير:
فسره بالتعريب، لأن "لوط" نفسها تفهم عربيا على أنها اسم فعل بمعني مفعول، من لاط / يلوط / لوطاً، كما تقول مثلا "جعل" بضم فسكون وتعني "مجعول"، من جعل/ يجعل / جعلاً. فهو المستور المحجوب، أي "الذي ليط". وهو تعريب وليس ترجمة ، لأن "لوط" بضم اللام لم تسمع من العرب. ولكنه تعريب مفسر، إن تمعنت.
وفسره بالمقابلة، أي بالضد من معناه كما مر بك، في مثل قوله عز وجل على لسان لوط: {قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ} (68) سورة الحجر، وفضحة يعني هتك ستره. وأيضا في قوله عز وجل على لسان لوط يزجر قومه: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} (54) سورة النمل، أي أتأتون الفاحشة علانية لا تستترون؛ وكان الكفرة الفجرة يتلاوطون علنا، لا يستتر بعضهم من بعض، كما أخبر الله عز وجل على لسان لوط في خطاب قومه: { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ} (29) سورة العنكبوت.
وفسره أيضا بالسياق العام أو الجو العام الذي توحي به إليك الآيات التي تصور لك لوطاً وهو " يراود" عن ضيفه ولا يملك ما يدافع به إلا أن يفتدي ببناته فلا يقبل منه، ويهمون به ليبطشوا به إلا أن يخلي بينهم وبين ضيفه هؤلاء ليفعلوا بهم ما أرادوا، ويجزع لوط أشد الجزع وقد غلب على ضيفه فيتوجع {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (80) سورة هود ، ولكن ضيفه يهونون عليه {قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ } (81) سورة هود، ولكن الملائكة المكرمين لا يدافعون عن لوط، ولا يبطشون بالكفرة الفجرة ، فلم تحن بعد ساعتهم، بل يضربون بينه وبينهم بحجاب، فتغشي الذين ظلموا الظلمة { فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } (37) سورة القمر فيحتجب منهم لوط كما تحتجب الملائكة ، ويضرب الليل بأستاره على القرية المجرمة ، ويمضي لوط في ساتر الليل متبعاً ما أمر به { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ} (81) سورة هود، لينجو بسحر { إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ} (35- 34) سورة القمر، ولا ينجلي الليل عن القرية إلا وقد صبحهم عذاب مستقر {وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} (38) سورة القمر، وهلك الظلمة ردما وعميانا {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ}(72 - 74) سورة الحجر.
هذا الحجاب المضروب على لوط في إفلاته من بطش الذين كفروا، وفي فراره من القرية الظالم أهلها، حجاب باطنه من قبله الرحمة، وظاهره من ورائه العذاب ، ولذلك قيل له {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } (65) سورة الحجر، أي النجاة أمامك، وكل ما وراءك هالك ، فاجعلهم وراءك ، ولا تلتفت.
هذا الجو العام، الذي توحيه الآيات ، سمة يتفرد بها القصص القرآني من دون كل قصص الحدث المروي في القرآن لا يسرد عليك كما يسرد الخير ولكنه - على خلاف ما تجد في التوراة والإنجيل - يبعث لك من غياهب التاريخ حيا نابضا مشخصا، وإذا أنت في قلب الحدث، تسمع وتري، وقد طويت المسافات واستدار الزمن .
*******
(2)
إسماعيل
"إسماعيل" في القرآن هي تعريب "يشمعيل" العبرية في التوراة.
وهي في العبرية على المزجية من (يشمع + إيل)، ومعناها الحرفي "يسمع الله".
وقد مر بك أن العبرية تستخدم المضارع وتريد اسم الفاعل منه، فيكون معنى هذا الاسم "الله سميع"، أو "سميع هو الله".
وسفر التكوين لا يحدثك بشئ عن مناسبة هذه التسمية، لأن غاية همه بنو إبراهيم عبر إسحاق، لا يهتم لشي من أمر إسماعيل، إلا شذرات تجئ عبر السياق. ولكنك تجد مناسبة هذه التسمية في القرآن.
فقد مر بك أن إبراهيم عليه السلام، حين انقطع ما بينه وبين أبيه وقومه، خرج مهاجرا إلي ربه يدعوه: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } (100) سورة الصافات، فاستجاب له عز وجل بالبشرى {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (101) سورة الصافات، أي بإسماعيل، لا يصح أن تقول بإسحاق، لأن إبراهيم دعا بها لحظة خرج مهاجرا إلي ربه لا يصحبه إلا زوجه سارة وابن أخيه لوط، دعا بها وهو بعد "فتي يقال له إبراهيم" (راجع الآية 60 من سورة الأنبياء)، عقيم الزوج لم يولد له بعد إسماعيل، بل لم يلتق بعد بهاجر أمه، التي أهداها إليه ملك مصر بعد سنوات من الطواف والترحال، كما تقرأ في سفر التكوين.
بشر الله عز وجل إبراهيم بهذا الغلام الحليم ولم يستجب له من فوره، وإنما أرجأ الاستجابة إلي أجل مسمى عنده، يبتلي صبر إبراهيم. كان مقدوراً لإسماعيل بكر إبراهيم ألا يجئ من زوجه سارة الآرامية ابنة عمه، وإنما من هاجر المصرية، لينبت في واد أصم غير ذي زرع عند بيت الله المحرم، كي تقام فيه الصلاة: { رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ} (37) سورة إبراهيم، ولو كانت سارة أم اسماعيل لما ارتضت فراقه، إلا أن تصحب ابنها في مهاجره فتفارق إبراهيم. ولكنه كان ابن ضرتها ، فشجعت ولم تمانع، بل كانت هي التي أوحت وألحت، في رواية سفر التكوين.
صدق الله إبراهيم وعده ببكره إسماعيل وقد ناهز إبراهيم ستاً وثمانين، لم يعد بعد "فتي يقال له إبراهيم"، وإنما ولد له إسماعيل وقد بلغ به الكبر، كما تجد في قوله الله عز وجل على لسان إبراهيم: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} (39) سورة إبراهيم.
ويتذكر إبراهيم يوم ولد له إسماعيل دعوة منه سبقت، يوم خرج مهاجرا إلي ربه وحيدا إلا من زوجه وابن أخيه، يسأل ربه النسل الصالح الذي يعنيه على أمر الله، ويذكر ايضا بشرى الله إياه يومئذ "بغلام حليم"، أرجأها الله إلي أجل مسمي عنده وقد نيف إبراهيم على الثمانين، فيعلم فوق علم أن الله عز وجل - مهما طال الأجل - لا يخلف وعده رسله، وكأنه قال بالعبرية، يمجد بها الله: يشمع إيل؛ أي سميع هو الله؛ فسمي بها إسماعيل (يشمع + إيل).
***********
أما مفسرو القرآن (راجع تفسير القرطبي للآية 125 من سورة البقرة) وقد أجمعوا على عجمة "إسماعيل"، فلم يفتهم معنى "السمع" ومعني "الله" في (اسمع + إيل) ولكنهم فهموها بصيغة الطلب على الدعاء، فقالوا إن معنى هذا الاسم هو "اسمع يا ألله" أو "اللهم فاسمع".
ولا يصح هذا من وجهين: الأول لمخالفته معنى "يشمع إيل" العبرية، التي تفيد حدوث السمع لا طلبه. والثاني لأن الذي يستمع الله دعاءه فيستجيب، لا يقول: اللهم فاسمع، وإنما يقول: قد سمعت يا ألله.
وهذه هي آفة كل تفسير لاسم علم بغير لغة صاحبه.
أما إن أردت ترجمة "إسماعيل" إلي العربية ترجمة تصح بها العلمية، فالأقرب إلي الصواب أن تقول "سمع الله"، على التقرير، لا على الدعاء، كما يتسمى الناس الآن بــ "جاد الله"، "جاد الحق"، وأشباههما.
**********
ولا ينقضي القول في "إسماعيل"- قبل حسم ذلك الإشكال الذي افتعله جمهرة، من المفسرين (راجع تفسير القرطبي للآيات 101 وما بعدها من سورة الصافات) قول الشخص الذي كان به "البلاء المبين" في القرآن: إسماعيل أم إسحاق؟
تهيب هؤلاء المفسرون تكذيب التوراة في قولها إن "الذبيح" كان إسحاق بالاسم ، لا إسماعيل، فلم يروا بأساً من متابعة التوراة على هذا القول، لاسيما والقرآن لا ينص على الذبيح بالاسم، ووازنوا بين تكذيب التوراة بغير صريح القرآن وبين رد أحاديث من مثل قوله صلي الله عليه وسلم: "أنا ابن الذبيحين" (إشارة إلي أبيه عبد الله بن عبد المطلب وجده الأكبر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام)، فردوا تلك الأحاديث.
والراجح عندي أن هؤلاء المفسرين "سمعوا" من أحبار يهود أن التوراة تنص على إسحاق ولا تنص على إسماعيل، ولكنهم لم "يقرأوا" تفاصيل ذلك في سفر التكونين نفسه، على ما مر بك في سياق تفسيرنا لاسم إبراهيم عليه السلام، وإلا لخلصوا كما خلصنا نحن من تحليل كلام الكاتب نفسه في الإصحاحات الخامس عشر والسابع عشر والثاني والعشرين إلي أن البلاء المبين ما كان ليصح إلا بإسماعيل، وحيد إبراهيم قبل عام من مولد إسحاق، ولجزموا - كما جزمنا نحن - بأن "إسحاق" هاهنا مقحمة على هذا السفر، مدسوسة من الكاتب أو الناسخ "ذي المصلحة"، وأن تكذيب التوراة في "إسحاق" ليس تكذيباً لله عز وجل فيما أنزل من التوراة، وإنما هو تكذيب لهذا الكاتب أو الناسخ.
والذي ينبغي التنبيه إليه أن التوراة - شأنها شأن الأناجيل التي بين يديك - ليست كلها باعتراف الكتبة أنفسهم كلاماً من الله عز وجل على رسله وأنبيائه، يتحصن بحجية الشئ الموحى به، وإما يتخللها الكثير- بل الأكثر- من كلام الكاتب و الناسخ، يصح حين يصح، كما تصح أحاديث الرواة، لا أكثر ولا أقل ، لا يرد به حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يتأول به قرآن.
والذي ينبغي التنبيه إليه أيضا أن المسلم - المأمور بتصديق التوراة والإنجيل بمقتضي قوله عز وجل في وصف المتقين {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (4) سورة البقرة - إنما هو مأمور بتصديق ما أنزل الله فيهما فحسب، الذي صدقه القرآن، لا ما زاد فيهما الكاتب والناسخ.
ويترتب على هذا مباشرة أن مقولات سفر التكوين الذي بين يديك لا ترد فحسب بصريح القرآن، وإنما ترد أيضا بالنقد التحليلي المباشر، على ما مر بك من القول في صحة "حساباته" أو من وصفه "جنة آدم" التي بعدن "شرقاً" أو تفسيره معنى "بابل" بالبلبلة، الخ... لو التزمت تصديق هذا الكاتب في كل مقولاته، فأوجبت على نفسك تصديقه في أن "البلاء المبين" كان بإسحاق لا بإسماعيل، لوجب عليك أيضا تصديقه في شناعات لا تصح في "نص مقدس"، من مثل زني ابنتي لوط بأبيهما على ما مر بك، أو من مثل انخلاع حق فخذ يعقوب (تكوين 32/26) وهو "يصارع" الله عز وجل، في محاولة بائسة لتفسير معنى شهرة "إسرائيل"،وتعليل تحريم بني إسرائيل أكل "عرق النسا" الذي على حق الفخذ.
أما القرآن لم ينص صراحة على أن "البلاء المبين" كان بإسماعيل، لا بإسحاق، فهذه زلة لا يصح أن يقع فيها مفسر للقرآن جدير بهذا الاسم. يكفيك أن تتلو الآيات من 99 إلي 112 من سورة الصافات، كي تعلم أن إبراهيم عليه السلام بشر غداة خروجه مهاجرا إلي ربه بغلام حليم، وأن هذا الغلام نفسه بلغ معه السعي، فكان به "البلاء المبين"، وأن الله عز وجل عقب على اجتياز إبراهيم هذا الاختبار الفذ بأن بشر إبراهيم بغلام آخر يولد له، هو إسحاق: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} (112) سورة الصافات، فكان إسحاق بعض "جزاء المحسنين" الذي جازي به الله بر إبراهيم، ولم يكن هو بداهة الذي كان به البلاء المبين، وإنما كان البلاء المبين بإسماعيل.
(ربما أحرجت هذه الآية المفسرين الذين قالوا إن الذبيح هو إسحاق، فتمحك بعضهم بتأويلها على أنها بشري بالنبوة لإسحاق الذبيح، ولا يصح هذا من لغوي حاذق، لأن البشري في الآية تتعدي بالياء، فهي واقعة بإسحاق لا بالنبوة. وإنما النبوة والصلاح في الآية وصفان للابن المبشر به).
ونحن نضيف إلي هذا دليلا آخر من القرآن، وردت "غلام حليم" مرة واحدة في القرآن ( الصافات: 101) وصف بها الله عز وجل الغلام الذي كان به البلاء المبين، لم يخص بها غيره من أبناء إبراهيم، ووردت "غلام عليم" في القرآن مرتين، يخص بها إسحاق بالنص: {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} (53) سورة الحجر، {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} (28) سورة الذاريات، والمعني في الآيتين هو إسحاق بلا خلاف، أفلا تدلك هذه المغايرة بين "عليم" و"حليم" على أن البلاء المبين لم يكن بالغلام "العليم" (إسحاق)، وإنما كان بالآخر، الغلام "الحليم" الذي في سورة الصافات، فهو إذن "إسماعيل"؟
كذلك وردت "صادق الوعد" مرة واحدة في القرآن، خص بها الله عز وجل إسماعيل وحده دون غيره من النبين والمرسلين: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا} (54) سورة مريم. إلا تجد في هذا إشارة بليغة إلي صدق إسماعيل وعده أبه بالصبر على الذبح إذعاناً لأمر الله حين شاوره إبراهيم في رؤياه {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (102) سورة الصافات، حتي "تله للجبين"، فأي صبر كان؛
كان الذبيح إسماعيل، لا محل للقول بخلافه، ولا مجال للتردد فيه متابعة لقول أهل الكتاب.
وإذا كان الذبيح هو إسماعيل - إحقاقا للحق لا غير- فليس معنى هذا أن إسحاق أدني منزلة في سلم الأنبياء من إسماعيل، صلوات الله وسلامه على جميع رسله وأنبيائه، بل الكل في كرامة الأنبياء عند الله سواء، وهو أعلم ببلاء أنبيائه حسبك قوله عز وجل في الأنبياء من ذرية إبراهيم، وفيهم إسماعيل وإسحاق {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (90) سورة الأنعام
********
أما التفسير القرآني لاسم "إسماعيل"، وهو "يشمعيل" عبرياً، ومعناه كما علمت "سمع الله" أو "سميع هو الله"، فأنت تجد هذا التفسير في قوله عز وجل على لسان إبراهيم: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} (39) سورة إبراهيم.
وتجده في قوله عز وجل على لسان إبراهيم أيضا: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (127) سورة البقرة.
*******
(3)
إسحاق
إسحاق (وترسم اسحق في المصحف) هو الابن الثاني لنبي الله إبراهيم عليهما السلام، رزق به من زوجه سارة وقد ناهزت التسعين، عجوزاً عقيماً قد أيأستها السنون، وإبراهيم يومئذ قد بلغ المائة، فكان إنجابهما إسحاق في تلك السن آية من آيات رحمة الله بإبراهيم وأهل بيت إبراهيم: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} (72) سورة هود.
وإسحاق عليه السلام سمته الملائكة، لم تسمه أمه ولم يسمه أبوه كما يقول سفر التكوين. بل سمت الملائكة أيضا "يعقوب" بن إسحاق، ولم يولد بعد إسحاق. تجد هذا في قوله عزوجل: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (71) سورة هود
******
وقد قالت الكثرة من مفسري القرآن (راجع تفسير القرطبي للآية 133 وما بعدها من سورة البقرة) بعجمة "إسحاق" ولم يتصدوا لتفسيره. إلا من شذ فحسبه من العربية، يشتقه من الجذر العربي "سحق" بمعنى بعد أشد البعد. وليس هذا بشئ لأنه يفسر الاسم بغير لغة صاحبه، فلا تلتفت إليه.
*******
"إسحاق" في القرآن هي تعريب "يصحاق" في التوراة. وهي صغية المضارعة في المفرد الغائب من الجذر العبري "صحق"، وقرينه في العربية الجذر العربي "ضحك". و"يصحاق" العبري إذن يعني "يضحك"، لا يراد منه الفعل، وإنما يراد منه الفاعل، ومن ثم معنى "اسحاق"، وهو "يصحاق" عبريا، الضاحك أو الضحوك، وقد سمى العرب بمعناه على المبالغة فقالوا "الضحاك".
والتسمية بالفعل المضارع يراد منه اسم الفاعل، شديدة الشيوع في العبرية كما مر بك في موضعه: رأيت هذا في "يشمعيل" (إسماعيل)، وتراه الان في "يصحاق"، أي إسحاق. وستجده كثيرا فيما يلي من أعلام التوراة.
علي أن لهذا نظائر بقيت في العربية كما مر بك، تجدها في أمثال "يزيد" وغيرها من أعلام الأشخاص والمواضع. والأصل في هذا كما مر بك أن الفعل المضارع يفيد الحال كما يفيد الاستقبال، أي "يضحك" وسيظل، فهو "ضاحك" و "ضحوك".
*******
أما التفسير القرآني لهذا الاسم العلم، فأنت تجده في قوله عزوجل: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ} (71) سورة هود، أي ضحكت سارة وهي قائمة تخدم ضيف إبراهيم من الملائكة عجبا وحياء وهي تسمع من الملائكة بشري لإبراهيم بمولود يولد منها، وهي في تلك السن عجوز عقيم. وكأن ضحكها كان مناسبة يصاغ منها اسم المولود المبشر فقيل لها أضحكت؟ بشراك إذن "بالذي يضحك"، وهي "يصحاق"، اسم نبي الله إسحاق عليه السلام.
********
وربما قلت فلماذا جاءت "إسحاق" في القرآن بالسين، ولم تجئ على أصلها بالصاد "إصحاق"؟
قال هذا بالفعل بعض المستشرقين، مماحكة، كدأبهم في معارضة القرآن.
ولكنك تندهش إذ تعلم أن "يصحاق" هذه تجئ في عبرية التوراة بالسين كما تجئ بالصاد، والصاد أغلب، وأن "سحق" و"صحق" في المعجم العبري صنوان. وفي اللغة العربية تتعاقب السين والصاد مثل "السراط" و"الصراط" وقد قرئ بهما.
ولعلك تدرك معي أن تتابع الصاد والحاء والقاف في "يصحاق" قعقعة تنبو عنها موسيقي القرآن، لذا فقد عرب القرآن "إسحاق" عن "يسحاق" ولم يعربها عن "يصحاق" عالماً أنه لم يبعد، لوجود كلا الرسمين في عبرية التوراة.
لا يشاد القرآن أحد إلا غلبه القرآن، وسبحان العليم الخبير.
... يتبع
http://e3gaz1.blogspot.com/